أبرزهم زيادة الأدوية والحد من الاستدانة
في ٥ مواقف.. الحكومة "تدهس" قرارات السيسي
في الوقت الذي تتوالي فيه تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتوجيهاته بالسيطرة على تدهور الأوضاع الاقتصادية الأخيرة، إلا أنّ أفعال الحكومة وأداءها على أرض الواقع، عادة ما يكون في الاتجاه المعاكس، مما يعكس حالة التناقض والتخبط التي نعيشها حاليًا، ويدفع ثمنها المواطن في النهاية.
وكان الرئيس، قد طالب المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، ووزراء التضامن الاجتماعي، والمالية والتموين، أكثر من مرة بضرورة العمل على عدم زيادة أسعار السلع الغذائية الأساسية، والتصدي لمحاولات احتكار السلع أو استغلال الظروف الاقتصادية لزيادة أسعارها.
ورغم ذلك فإن أسعار كافة السلع والمنتجات في ارتفاع متتالي ومتتابع في كل يوم، إضافة إلى اختفاء وندرة بعض السلع من الأسواق وعلى رأسها السكر، الذي تخطى سعر الكيلو منه في بعض الأحيان حاجز الـ ١٥ جنيه.
وسبق وأن طالب السيسي، وزيرة التعاون الدولي، سحر نصر، بمراعاة الحد من الاستدانة؛ والاتجاه لتنفيذ المشروعات التي يتم تمويلها عبر القروض، بهدف تحقيق الاستفادة منه وتحقيق التنمية المنشودة.
وفي المقابل، تسعى الحكومة للحصول على 29 مليار دولار من روسيا لمشروع الضبعة، ومليار دولار من كوريا للسكك الحديدية، إضافة إلي ٢.٥ مليار دولار، عبر طرح السندات الدولارية في الأسواق العالمية، بعد أن استدانت في ال 3 أشهر الماضية، من خلال قروض ومنح من صندوق النقد الدولي والبنك الصناعي التجاري الصناعي، والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي البنك الإفريقي بقيمة بلغت نحو 7 مليارات دولار.
كما أعلن الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، عن زيادة أسعار 3000 صنف دوائى من إجمالى 12 ألف وهو ما تتراوح نسبته 15٪ للأدوية المحلية، و 20 % للأدوية المستوردة، وسيطول هذا الارتفاع بعض الأمراض المزمنة، وذلك رغم رفض الرئيس هذا التوجه، ومطالبته بضرورة بقاء الأسعار القديمة والاكتفاء بتحريك أسعار 20% منها فقط.
وطالب السيسي المستشار هشام بدوي، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، بضبط الانفاق العام وترشيده، وفي المقابل وصل إجمالي عجز الموازنة خلال النصف الأول من العام المالي الجاري 2016-2017، إلي 174 مليار جنيه، مقارنة بنسبة 6.2% خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي، ويشير عجز الموازنة إلى زيادة النفقات العامة على الإيرادات.
وفي بداية ديسمبر الماضي، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه لن يستمر كثيرًا، "لأن ده مش من سعره العادل"، ولا يزال الدولار يواصل ارتفاعه، حيث تخطى الـ 19 جنيها.
ورأي خبراء الاقتصاد أن هذا التناقض دلالاته خطيرة ويؤثر سلبيًا على المواطنين، ويعكس عدم السيطرة على الحكومة وأننا نسير بلاخطة واضحة، مؤكدين أن الأوضاع الاقتصادية ستبقي في تدهور وانحدار، في ظل غياب الشفافية والمصداقية مع الشعب.
رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، قال إن اصدار رئيس الجمهورية لتعليمات وتصريحات لا ينفذها الوزراء، يعني أننا أمام مشكلة بالغة الخطورة، تتعلق بغياب التواصل فيما يتعلق بالسياسات العامة بين مكونات السلطة التنفيذية.
وتابع في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية"، بافتراض أن هناك سياسات عامة من الأساس فكان الأمر يقتضي وجود وزراء مؤمنين بتلك السياسات و يقوموا بالتنفيذ فوراً في سياق قناعاتهم من خلال وضع خطط و تكتيكات لتفعيل تلك السياسات علي أرض الواقع.
وأشار سلامة، إلي أن هذا يعكس أن اختيار الوزراء هو أساس المشكلة، وبالتالي فليس هناك داعِ لوضع مسئول يعمل في اتجاه معاكس للسياسات العامة و إلا أصبح ذلك في حد ذاته نوع من الانقلاب علي تلك السياسات و بالتالي فتغيير المسئولين الذين يخرجون عن السياق العام هو الحل و بأسرع وقت ممكن.
ورأي أن الرئيس السيسي مسئول بشكل مباشر عن أداء الحكومة، على اعتبار أنهم ليسوا سوي مجرد منفذين لتعليماته، كما أنه يُعرض عليه تقارير بشكل دوري بشأن رضا الرأي العام عن أداء الوزراء و غضب المواطنين من ارتفاع الاسعار الجنوني.
وبين الخبير الاقتصادي، أن أسعار السلع كلها تضاعفت بتضاعف سعر تحويل الدولار للجنيه المصري، لأننا نستورد كل شيء من الخارج، حيث بلغت الفجوة الإستيرادية ما يتراوح بين ٣٥ الي ٤٠ مليار دولار علي أقل تقدير، في ظل ثبات الدخول وغياب الرقابة علي الأسعار من قبل الحكومة أو منظمات العمل المدني.
وأكد أن المشكلة الحقيقية لدينا تتمثل في السياسات العامة، التي تتمحور حول التنفيذ الصارم لتعليمات المُقرضين الدوليين و علي رأسهم صندوق النقد الدولي.
وأضاف سلامة، أن أي وزير مهما كانت شخصيته المتفردة أو رؤيته الخاصة، أن يفعل شيئاً في ظل انسحاب الدولة من الرقابة و في ظل سياسات عامة تتماشي مع متطلبات المُقرضين الدوليين.
وأوضح أن الأزمة بالأساس تكمن في نمط الإقتصاد المصري الريعي الإستهلاكي، مع غياب التخطيط لتحويله الي إنتاجي تنموي استخدامًا لإمكانات المجتمع المصري البشرية و المالية و الطبيعية.
وذكر أنه من دون البدء الفوري في هذا الأمر سنظل ندور في الفراغ ونقترض حتي نسدد ما سبق لنا إقتراضه، مع استمرار ارتفاع الأسعار بلا ضابط و لا رابط طالما لا توجد خطط لتحقيق الإكتفاء الذاتي من الغذاء و إنتاج السلع الإستهلاكية و الدوائية محلياً.
وأكد أمير الكومي، مستشار ورئيس جمعية المراقبة والجودة لحماية المستهلك، أن هناك تناقضات كبيرة بين تصريحات الرئيس وأداء الحكومة، وهذا يدل أنه ليس هناك سيطرة علي الوزارة أو أننا نسير بلا خطة، وفي الحالتين فإن دلالات ذلك خطيرة.
وأوضح في تصريحات خاصة ل"مصر العربية"، أن هذا التناقض نزع من أنواع السفه الحكومي، ويخلق حالة من عدم الثقة في القرارات الحكومية، ويزيد من غضب الشارع، بسبب ارتفاع الأسعار بنسبة ١٢٠٪، مما يشكل أعباء اضافية شديدة على محدودي الدخل.
وأشار الكومي، إلي أنه كان يتوجب على الحكومة قبل تعويم الجنيه أن تأخذ اجراءات لحماية محدودي، خاصة وأن الطبقة الوسطى في مصر تتآكل.
وتساءل، عندما يخرج رئيس الجمهورية، وهو رئيس أكبر تنفيذي في مصر وله الكلمة العليا يعاتب رئيس الحكومة على ارتفاع أسعار الدواء، فأين الاجراءات الفعلية التي اتخذها ويمكن أن يلمسها المواطن؟.